![]() |
تفسير القرطبي: سورة [النازعات : 30]
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قال الله تعالى: {وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَٰلِكَ دَحَاهَا} [النازعات : 30] تفسير القرطبي: والأرض بعد ذلك دحاها أي بسطها . وهذا يشير إلى كون الأرض بعد السماء . وقد مضى القول فيه في أول ( البقرة ) عند قوله تعالى : هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا ثم استوى إلى السماء مستوفى والعرب تقول : دحوت الشيء أدحوه دحوا : إذا بسطته . ويقال لعش النعامة أدحي ; لأنه مبسوط على وجه الأرض . وقال أمية بن أبي الصلت : وبث الخلق فيها إذ دحاها فهم قطانها حتى التنادي وأنشد المبرد : دحاها فلما رآها استوت على الماء أرسى عليها الجبالا وقيل : دحاها سواها ; ومنه قول زيد بن عمرو : وأسلمت وجهي لمن أسلمت له الأرض تحمل صخرا ثقالا دحاها فلما استوت شدها بأيد وأرسى عليها الجبالا وعن ابن عباس : خلق الله الكعبة ووضعها على الماء على أربعة أركان ، قبل أن يخلق الدنيا بألف عام ، ثم دحيت الأرض من تحت البيت . وذكر بعض أهل العلم أن ( بعد ) في موضع ( مع ) كأنه قال : والأرض مع ذلك دحاها ; كما قال تعالى : عتل بعد ذلك زنيم . ومنه قولهم : أنت أحمق وأنت بعد هذا سيئ الخلق ، قال الشاعر : فقلت لها عني إليك فإنني حرام وإني بعد ذاك لبيب أي مع ذلك لبيب . وقيل : " بعد " بمعنى " قبل " ; كقوله تعالى : ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أي من قبل الفرقان ، قال أبو خراش الهذلي : حمدت إلهي بعد عروة إذ نجا خراش وبعض الشر أهون من بعض وزعموا أن خراشا نجا قبل عروة . وقيل : دحاها : حرثها وشقها . قاله ابن زيد . وقيل : دحاها مهدها للأقوات . والمعنى متقارب وقراءة العامة ( والأرض ) بالنصب ، أي دحا الأرض . وقرأ الحسن وعمرو بن ميمون ( والأرض ) بالرفع ، على الابتداء ; لرجوع الهاء . ويقال : دحا يدحو دحوا ودحى يدحى دحيا ; كقولهم : طغى يطغى ويطغو ، وطغي يطغى ، ومحا يمحو ويمحى ، ولحى العود يلحى ويلحو ، فمن قال : يدحو قال دحوت ومن قال يدحى قال دحيت . |
الساعة معتمدة في ملتقى مريم ابنت عمران عليها السلام بتوقيت مدينة مكة المكرمة الساعة الآن في مكة المكرمة 16:09 |
Powered by vBulletin® Version 3.8.11
.Copyright
©2000 - 2025, vBulletin Solutions, Inc