![]() |
التفسير الوسيط لطنطاوي: سورة [مريم : 20]
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قال الله تعالى: {قَالَتْ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا} [مريم : 20] التفسير الوسيط لطنطاوي: وهنا تزداد حيرة مريم، ويشتد عجبها فتقول: أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ، وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا. أى: قالت على سبيل التعجب مما سمعته: كيف يكون لي غلام، والحال أنى لم يمسني بشر من الرجال عن طريق الزواج الذي أحله الله- تعالى-، ولم أك في يوم من الأيام بغيا، أى: فاجرة تبغى الرجال. أو يبغونها للزنا بها. يقال: بغت المرأة تبغى إذا فجرت وتجاوزت حدود الشرف والعفاف. قال صاحب الكشاف: جعل المس عبارة عن النكاح الحلال، لأنه كناية عنه. كقوله- تعالى- مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ والزنا ليس كذلك، إنما يقال فيه: فجر بها وخبث بها وما أشبه ذلك، وليس بقمن أن تراعى فيه الكنايات والآداب. والبغي: الفاجرة التي تبغى الرجال ... » . وعلى هذا الرأى الذي ذهب إليه صاحب الكشاف، يكون ما حكاه القرآن عن مريم من قولها: وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ ... المقصود به النكاح الحلال. ويرى آخرون أن المقصود به ما يشمل الحلال والحرام، أى: ولم يمسسني بشر كائنا من كان لا بنكاح ولا بزنى، ويكون قوله: وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا من باب التخصيص بعد التعميم، ويؤيد هذا الرأى قوله- تعالى-: قالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ. قالَ كَذلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ ما يَشاءُ إِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ . ويؤيده أيضا أن لفظ بَشَرٌ نكرة في سياق النفي فيعم كل بشر سواء أكان زوجا أم غير زوج. قال القرطبي: قوله: وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا أى: زانية. وذكرت هذا تأكيدا لأن قولها وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ يشمل الحلال والحرام ... . وقال الجمل في حاشيته ما ملخصه: وإنما تعجبت مما بشرها به جبريل لأنها عرفت بالعادة أن الولادة لا تكون إلا بعد الاتصال برجل. فليس في قولها هذا دلالة على أنها لم تعلم أنه- تعالى- قادر على خلق الولد ابتداء. كيف وقد عرفت أن أبا البشر قد خلقه الله- تعالى- من غير أب أو أم ... » . |
الساعة معتمدة في ملتقى مريم ابنت عمران عليها السلام بتوقيت مدينة مكة المكرمة الساعة الآن في مكة المكرمة 10:53 |
Powered by vBulletin® Version 3.8.11
.Copyright
©2000 - 2025, vBulletin Solutions, Inc