تفسير ابن كثر - سورة البقرة الآية 128 | مريم ابنت عمران عليها السلام للقرآن الكريم

تفسير ابن كثر - سورة البقرة - الآية 128

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا ۖ إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (128) (البقرة) mp3
وَقَوْله تَعَالَى حِكَايَة لِدُعَاءِ إِبْرَاهِيم وَإِسْمَاعِيل عَلَيْهِمَا السَّلَام رَبّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَك وَمِنْ ذُرِّيَّتنَا أُمَّة مُسْلِمَة لَك وَأَرِنَا مَنَاسِكنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّك أَنْتَ التَّوَّاب الرَّحِيم قَالَ اِبْن جَرِير يَعْنِيَانِ بِذَلِكَ وَاجْعَلْنَا مُسْتَسْلِمَيْنِ لِأَمْرِك خَاضِعَيْنِ لِطَاعَتِك لَا نُشْرِك مَعَك فِي الطَّاعَة أَحَدًا سِوَاك وَلَا فِي الْعِبَادَة غَيْرك وَقَالَ اِبْن أَبِي حَاتِم : أَخْبَرَنَا أَبِي أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيل عَنْ رَجَاء بْن حِبَّان الْحُصَيْنِيّ الْقُرَشِيّ أَخْبَرَنَا مَعْقِل بْن عُبَيْد اللَّه عَنْ عَبْد الْكَرِيم " وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَك " قَالَ مُخْلِصَيْنِ لَك " وَمِنْ ذُرِّيَّتنَا أُمَّة مُسْلِمَة لَك " قَالَ مُخْلِصَة وَقَالَ أَيْضًا أَخْبَرَنَا عَلِيّ بْن الْحُسَيْن أَخْبَرَنَا الْمُقَدَّمِيّ أَخْبَرَنَا سَعِيد بْن عَامِر عَنْ سَلَّام بْن أَبِي مُطِيع فِي هَذِهِ الْآيَة " وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ" قَالَ كَانَا مُسْلِمَيْنِ وَلَكِنَّهُمَا سَأَلَاهُ الثَّبَات . وَقَالَ عِكْرِمَة " رَبّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَك " قَالَ اللَّه : قَدْ فَعَلْت " وَمِنْ ذُرِّيَّتنَا أُمَّة مُسْلِمَة لَك " قَالَ اللَّه قَدْ فَعَلْت . وَقَالَ السُّدِّيّ " وَمِنْ ذُرِّيَّتنَا أُمَّة مُسْلِمَة لَك " يَعْنِيَانِ الْعَرَب قَالَ اِبْن جَرِير : وَالصَّوَاب أَنَّهُ يَعُمّ الْعَرَب وَغَيْرهمْ لِأَنَّ مِنْ ذُرِّيَّة إِبْرَاهِيم بَنِي إِسْرَائِيل وَقَدْ قَالَ اللَّه تَعَالَى " وَمِنْ قَوْم مُوسَى أُمَّة يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ " . " قُلْت " وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ ابْنُ جَرِير لَا يَنْفِيه السُّدِّيّ فَإِنَّ تَخْصِيصهمْ بِذَلِكَ لَا يَنْفِي مَنْ عَدَاهُمْ وَالسِّيَاق إِنَّمَا هُوَ فِي الْعَرَب وَلِهَذَا قَالَ بَعْده " رَبّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتك وَيُعَلِّمهُمْ الْكِتَاب وَالْحِكْمَة وَيُزَكِّيهِمْ" الْآيَة . وَالْمُرَاد بِذَلِكَ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ بُعِثَ فِيهِمْ كَمَا قَالَ تَعَالَى " هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ " وَمَعَ هَذَا لَا يَنْفِي رِسَالَته إِلَى الْأَحْمَر وَالْأَسْوَد لِقَوْلِهِ تَعَالَى " قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاس إِنِّي رَسُولُ اللَّه إِلَيْكُمْ جَمِيعًا " وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ الْأَدِلَّة الْقَاطِعَة وَهَذَا الدُّعَاء مِنْ إِبْرَاهِيم وَإِسْمَاعِيل عَلَيْهِمَا السَّلَام كَمَا أَخْبَرَنَا اللَّه تَعَالَى عَنْ عِبَاده الْمُتَّقِينَ الْمُؤْمِنِينَ فِي قَوْله " وَاَلَّذِينَ يَقُولُونَ رَبّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجنَا وَذُرِّيَّاتنَا قُرَّة أَعْيُن وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا " وَهَذَا الْقَدْر مَرْغُوب فِيهِ شَرْعًا فَإِنَّ مِنْ تَمَام مَحَبَّة عِبَادَة اللَّه تَعَالَى أَنْ يُحِبّ أَنْ يَكُون مِنْ صُلْبه مَنْ يَعْبُد اللَّه وَحْده لَا شَرِيك لَهُ وَلِهَذَا لَمَّا قَالَ اللَّه تَعَالَى لِإِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام " إِنِّي جَاعِلُك لِلنَّاسِ إِمَامًا " قَالَ " وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَال عَهْدِي الظَّالِمِينَ " وَهُوَ قَوْله " وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُد الْأَصْنَام " وَقَدْ ثَبَتَ فِي صَحِيح مُسْلِم عَنْ أَبِي هُرَيْرَة رَضِيَ اللَّه عَنْهُ عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ " إِذَا مَاتَ اِبْن آدَم اِنْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاث صَدَقَةٍ جَارِيَة أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَع بِهِ أَوْ وَلَدٍ صَالِح يَدْعُو لَهُ " " وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا " قَالَ اِبْن جُرَيْج عَنْ عَطَاء " وَأَرِنَا مَنَاسِكنَا " أَخْرِجْهَا لَنَا وَعَلِّمْنَاهَا وَقَالَ مُجَاهِد " أَرِنَا مَنَاسِكنَا " مَذَابِحنَا وَرَوَى عَنْ عَطَاء أَيْضًا وَقَتَادَة نَحْو ذَلِكَ وَقَالَ سَعِيد بْن مَنْصُور : أَخْبَرَنَا عَتَّاب بْن بَشِير عَنْ خُصَيْف عَنْ مُجَاهِد قَالَ : قَالَ إِبْرَاهِيم " أَرِنَا مَنَاسِكنَا " فَأَتَاهُ جِبْرَائِيل فَأَتَى بِهِ الْبَيْت فَقَالَ اِرْفَعْ الْقَوَاعِد فَرَفَعَ الْقَوَاعِد وَأَتَمَّ الْبُنْيَان ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِهِ فَأَخْرَجَهُ فَانْطَلَقَ بِهِ إِلَى الصَّفَا قَالَ هَذَا مِنْ شَعَائِر اللَّه ثُمَّ اِنْطَلَقَ بِهِ إِلَى الْمَرْوَة فَقَالَ : وَهَذَا مِنْ شَعَائِر اللَّه ثُمَّ اِنْطَلَقَ بِهِ نَحْو مِنًى فَلَمَّا كَانَ مِنْ الْعَقَبَة إِذَا إِبْلِيس قَائِم عِنْد الشَّجَرَة فَقَالَ : كَبِّرْ وَارْمِهِ فَكَبَّرَ وَرَمَاهُ ثُمَّ اِنْطَلَقَ إِبْلِيس فَقَامَ عِنْد الْجَمْرَة الْوُسْطَى فَلَمَّا جَازَ بِهِ جِبْرِيل وَإِبْرَاهِيم قَالَ لَهُ : كَبِّرْ وَارْمِهِ فَكَبَّرَ وَرَمَاهُ فَذَهَبَ الْخَبِيث إِبْلِيس وَكَانَ الْخَبِيث أَرَادَ أَنْ يُدْخِل فِي الْحَجّ شَيْئًا فَلَمْ يَسْتَطِعْ فَأَخَذَ بِيَدِ إِبْرَاهِيم حَتَّى أَتَى بِهِ الْمَشْعَر الْحَرَام فَقَالَ هَذَا الْمَشْعَر الْحَرَام فَأَخَذَ بِيَدِ إِبْرَاهِيم حَتَّى أَتَى بِهِ عَرَفَات قَالَ : قَدْ عَرَفْت مَا أَرَيْتُك ؟ قَالَهَا ثَلَاث مَرَّات قَالَ نَعَمْ وَرُوِيَ عَنْ أَبِي مِجْلَز وَقَتَادَة نَحْو ذَلِكَ وَقَالَ أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ أَخْبَرَنَا حَمَّاد بْن سَلَمَة عَنْ أَبِي الْعَاصِم الْغَنَوِيّ عَنْ أَبِي الطُّفَيْل عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : إِنَّ إِبْرَاهِيم لَمَّا أُرِيَ أَوَامِر الْمَنَاسِك عَرَضَ لَهُ الشَّيْطَان عِنْد الْمَسْعَى فَسَابَقَهُ إِبْرَاهِيم ثُمَّ اِنْطَلَقَ بِهِ جِبْرِيل حَتَّى أَتَى بِهِ مِنًى فَقَالَ : هَذَا مُنَاخ النَّاس فَلَمَّا اِنْتَهَى إِلَى جَمْرَة الْعَقَبَة تَعَرَّضَ لَهُ الشَّيْطَان فَرَمَاهُ بِسَبْعِ حَصَيَات حَتَّى ذَهَبَ ثُمَّ أَتَى بِهِ إِلَى الْجَمْرَة الْوُسْطَى تَعَرَّضَ لَهُ الشَّيْطَان فَرَمَاهُ بِسَبْعِ حَصَيَات حَتَّى ذَهَبَ ثُمَّ أَتَى بِهِ إِلَى الْجَمْرَة الْقُصْوَى فَعَرَضَ الشَّيْطَان فَرَمَاهُ بِسَبْعِ حَصَيَات حَتَّى ذَهَبَ فَأَتَى بِهِ جَمْعًا فَقَالَ : هَذَا الْمَشْعَر ثُمَّ أَتَى بِهِ عَرَفَة فَقَالَ هَذِهِ عَرَفَة فَقَالَ لَهُ جِبْرِيل أَعَرَفْت ؟ .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • كي نستفيد من رمضان؟ [ دروس للبيت والمسجد ]

    كي نستفيد من رمضان؟ [ دروس للبيت والمسجد ]: قال المصنف - وفقه الله -: «فهذه بعض المسائل المتعلقة بالصيام وبشهر رمضان، وهي - في أغلبها - عبارة عن ملحوظات وتنبيهات تطرح بين حين وآخر، وتذكير بأعمال فاضلة، وكان عملي جمعها وصياغتها». - قدَّم للكتاب: العلامة الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد - رحمه الله تعالى -.

    الناشر: دار الوطن http://www.madaralwatan.com - موقع الكتيبات الإسلامية http://www.ktibat.com

    http://www.islamhouse.com/p/364326

    التحميل:

  • هدي محمد صلى الله عليه وسلم في عبادته ومعاملاته وأخلاقه

    هدي محمد صلى الله عليه وسلم في عبادته ومعاملاته وأخلاقه: إن هدي محمد - صلى الله عليه وسلم - هو التطبيق العملي لهذا الدين, فقد اجتمع في هديه - صلى الله عليه وسلم - كل تلك الخصائص التي جعلت من دين الإسلام دينًا سهل الإعتناق والتطبيق، وذلك لشموله لجميع مناحي الحياة التعبدية والعملية والأخلاقية، المادية والروحية، وهذا الكتاب عبارة عن اختصار لما أورده الإمام ابن قيم الجوزية في كتابة زاد المعاد في هدي خير العباد.

    الناشر: موقع البرنامج العالمي للتعريف بنبي الرحمة http://www.mercyprophet.org

    http://www.islamhouse.com/p/90729

    التحميل:

  • لمحات من: محاسن الإسلام

    من وسائل الدعوة إلى هذا الدين تبيين محاسنه الكثيرة الدنيوية والأخروية والتي قد تخفى على كثيرين حتى من معتنقيه وهذا – بإذن الله – يؤدي إلى دخول غير المسلمين فيه، وإلى تمسك المسلم واعتزازه بدينه، وفي هذه الرسالة بيان لبعض محاسن الإسلام، كان أصلها حلقات أسبوعية أذيعت في إذاعة القرآن الكريم بالمملكة العربية السعودية - حرسها الله بالإسلام -.

    http://www.islamhouse.com/p/66723

    التحميل:

  • من هو محمد رسول الله؟

    من هو محمد رسول الله؟: ملف pdf يحتوي على عدة مقالات عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من إعداد موقع رسول الله، وعناوينها كالتالي: - تعريف بمحمد رسول الله. - من هو محمد؟ - هل المسلمين حاليا يمثلوا فكر محمد صلى الله عليه وسلم؟ - معاشرات محمد رسول الله. - معاملات محمد رسول الله. - أخلاق محمد رسول الله. - آداب محمد رسول الله. - عبادات محمد رسول الله - البساطة في حياة محمد صلى الله عليه وسلم.

    الناشر: موقع رسول الله http://www.rasoulallah.net

    http://www.islamhouse.com/p/381131

    التحميل:

  • شرح القواعد الأربع [ الفوزان ]

    القواعد الأربع: رسالة مختصرة كتبها الإمام المجدد شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - وقد اشتملت على تقرير ومعرفة قواعد التوحيد، وقواعد الشرك، ومسألة الحكم على أهل الشرك، والشفاعة المنفية والشفاعة المثبتة، وقد شرحها العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان - حفظه الله تعالى -.

    http://www.islamhouse.com/p/2403

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة