تفسير ابن كثر - سورة الزمر الآية 9 | مريم ابنت عمران عليها السلام للقرآن الكريم

تفسير ابن كثر - سورة الزمر - الآية 9

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ ۗ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ۗ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ (9) (الزمر) mp3
يَقُول عَزَّ وَجَلَّ أَمَّنْ هَذِهِ صِفَته كَمَنْ أَشْرَكَ بِاَللَّهِ وَجَعَلَ لَهُ أَنْدَادًا ؟ لَا يَسْتَوُونَ عِنْد اللَّه كَمَا قَالَ تَعَالَى " لَيْسُوا سَوَاء مِنْ أَهْل الْكِتَاب أُمَّة قَائِمَة يَتْلُونَ آيَات اللَّه آنَاء اللَّيْل وَهُمْ يَسْجُدُونَ " وَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى هَهُنَا " أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا " أَيْ فِي حَال سُجُوده وَفِي حَال قِيَامه وَلِهَذَا اِسْتَدَلَّ بِهَذِهِ الْآيَة مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ الْقُنُوت هُوَ الْخُشُوع فِي الصَّلَاة لَيْسَ هُوَ الْقِيَام وَحْده كَمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ آخَرُونَ . قَالَ الثَّوْرِيّ عَنْ فِرَاسٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ مَسْرُوق عَنْ اِبْن مَسْعُود رَضِيَ اللَّه عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ : الْقَانِت الْمُطِيع لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلِرَسُولِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ اِبْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا وَالْحَسَن وَالسُّدِّيّ وَابْن زَيْد آنَاء اللَّيْل جَوْف اللَّيْل وَقَالَ الثَّوْرِيّ عَنْ مَنْصُور بَلَغَنَا أَنَّ ذَلِكَ بَيْن الْمَغْرِب وَالْعِشَاء وَقَالَ الْحَسَن وَقَتَادَة آنَاء اللَّيْل أَوَّله وَأَوْسَطه وَآخِره وَقَوْله تَعَالَى " يَحْذَر الْآخِرَة وَيَرْجُو رَحْمَة رَبّه " أَيْ فِي حَال عِبَادَته خَائِف رَاجٍ وَلَا بُدَّ فِي الْعِبَادَة مِنْ هَذَا وَهَذَا وَأَنْ يَكُون الْخَوْف فِي مُدَّة الْحَيَاة هُوَ الْغَالِب وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى " يَحْذَر الْآخِرَة وَيَرْجُو رَحْمَة رَبّه " فَإِذَا كَانَ عِنْد الِاحْتِضَار فَلْيَكُنْ الرَّجَاء هُوَ الْغَالِب عَلَيْهِ كَمَا قَالَ الْإِمَام عَبْد بْن حُمَيْد فِي مُسْنَدِهِ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْن عَبْد الْحَمِيد حَدَّثَنَا جَعْفَر بْن سُلَيْمَان حَدَّثَنَا ثَابِت عَنْ أَنَس رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ دَخَلَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رَجُل وَهُوَ فِي الْمَوْت فَقَالَ لَهُ " كَيْفَ تَجِدك ؟ " فَقَالَ لَهُ أَرْجُو وَأَخَاف فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " لَا يَجْتَمِعَانِ فِي قَلْب عَبْد فِي مِثْل هَذَا الْمَوْطِن إِلَّا أَعْطَاهُ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ الَّذِي يَرْجُو وَأَمَّنَهُ الَّذِي يَخَافُهُ " . . وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ فِي الْيَوْم وَاللَّيْلَة وَابْن مَاجَهْ مِنْ حَدِيث سَيَّار بْن حَاتِم عَنْ جَعْفَر بْن سُلَيْمَان بِهِ قَالَ التِّرْمِذِيّ غَرِيب وَقَدْ رَوَاهُ بَعْضهمْ عَنْ ثَابِت عَنْ أَنَس عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرْسَلًا . وَقَالَ اِبْن أَبِي حَاتِم حَدَّثَنَا عُمَر بْن أَبِي شَيْبَة عَنْ عُبَيْدَة النُّمَيْرِيّ حَدَّثَنَا أَبُو خَلَف بْن عَبْد اللَّه بْن عِيسَى الْخَرَّاز حَدَّثَنَا يَحْيَى الْبَكَّاء أَنَّهُ سَمِعَ اِبْن عُمَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا يَقْرَأ " أَمَّنْ هُوَ قَانِت آنَاء اللَّيْل سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَر الْآخِرَة وَيَرْجُو رَحْمَة رَبّه " قَالَ اِبْن عُمَر ذَاكَ عُثْمَان بْن عَفَّان رَضِيَ اللَّه عَنْهُ وَإِنَّمَا قَالَ اِبْن عُمَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا ذَلِكَ لِكَثْرَةِ صَلَاة أَمِير الْمُؤْمِنِينَ عُثْمَان رَضِيَ اللَّه عَنْهُ بِاللَّيْلِ وَقِرَاءَته حَتَّى إِنَّهُ رُبَّمَا قَرَأَ الْقُرْآن فِي رَكْعَة كَمَا رَوَى ذَلِكَ أَبُو عُبَيْدَة عَنْهُ رَضِيَ اللَّه تَعَالَى عَنْهُ وَقَالَ الشَّاعِر : ضَحَّوْا بِأَشْمَط عِنْوَان السُّجُود بِهِ يَقْطَع اللَّيْل تَسْبِيحًا وَقُرْآنًا وَقَالَ الْإِمَام أَحْمَد كَتَبَ إِلَيَّ الرَّبِيع بْن نَافِع حَدَّثَنَا الْهَيْثَم بْن حُمَيْد عَنْ زَيْد بْن وَاقِد عَنْ سُلَيْمَان بْن مُوسَى عَنْ كَثِير بْن مُرَّة عَنْ تَمِيم الدَّارِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ قَرَأَ بِمِائَةِ آيَة فِي لَيْلَة كُتِبَ لَهُ قُنُوت لَيْلَة " وَكَذَا رَوَاهُ النَّسَائِيّ فِي الْيَوْم وَاللَّيْلَة عَنْ إِبْرَاهِيم بْن يَعْقُوب عَنْ عَبْد اللَّه بْن يُوسُف وَالرَّبِيع بْن نَافِع كِلَاهُمَا عَنْ الْهَيْثَم بْن حُمَيْد بِهِ . وَقَوْله تَعَالَى " قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَاَلَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ " أَيْ هَلْ يَسْتَوِي هَذَا وَاَلَّذِي قَبْله مِمَّنْ جَعَلَ لِلَّهِ أَنْدَادًا لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيله " إِنَّمَا يَتَذَكَّر أُولُوا الْأَلْبَاب " أَيْ إِنَّمَا يَعْلَم الْفَرْق بَيْن هَذَا وَهَذَا مَنْ لَهُ لُبٌّ وَهُوَ الْعَقْل وَاَللَّه أَعْلَم .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • مختصر الفقه الإسلامي

    مختصر الفقه الإسلامي [ الطبعة الثالثة عشرة ]: مختصر سهل الأسلوب، حوى بين جنبيه شرائع الإسلام، وروعي فيه إلقاء النفع على البيت المسلم على وجه الخصوص. - قد جمع ورتب من كتب متعددة، في التوحيد والإيمان والأخلاق والآداب والأذكار والأدعية والأحكام، فينتهل منه العابد والواعظ والمعلم والتاجر والمفتي والقاضي والداعي إلى الله تعالى. - وضع بحيث يتناول المسائل التي تهم كل مسلم، ثم يذكر الحكم الراجح من أقوال أهل العلم - إذ ظهر دليل الترجيح - مع ذكره إن كان في الكتاب العزيز أو صحيح السنة أو كليهما. - وهو تعريف عام بدين الإسلام، عقيدة وأحكاماً، وأخلاقاً وآداباً، ودعوة إلى الله تعالى على بصيرة. - ملحوظة مهمة: ترتيب المرفقات كالآتي: 1- طبعة مصورة وهي الطبعة العاشرة من الكتاب. 2- نسخة نصية ومحولة وهي للطبعة الحادية عشر. 3- نسخة نصية ومنسقة وهي للطبعة الحادية عشر. 4- نسخة نصية في ملف مضغوط ومقسمة إلى أبواب للطبعة الحادية عشر. وننبه الزوار الكرام، إلى أن أننا ترجمنا الكتاب إلى العديد من اللغات العالمية، وهي موجودة على موقعنا - ولله الحمد -. 5- نسخة نصية ومحولة وهي للطبعة الثالثة عشر.

    http://www.islamhouse.com/p/202905

    التحميل:

  • توحيد الربوبية

    توحيد الربوبية : في هذه الرسالة تعريف توحيد الربوبية. معنى كلمة الرب. أسماء هذا النوع من التوحيد. أدلته. إنكار الربوبية. أنواع ربوبية الله على خلقه. توحيد الربوبية ليس هو الغايةَ في التوحيد. آثار توحيد الربوبية وفوائده. ما ضد توحيد الربوبية؟ الفِرَق التي أشركت بالربوبية.

    الناشر: موقع دعوة الإسلام http://www.toislam.net

    http://www.islamhouse.com/p/172695

    التحميل:

  • صلاة العيدين في المصلى هي السنة

    صلاة العيدين في المصلى هي السنة : قال المؤلف - رحمه الله - « فهذه رسالة لطيفة في إثبات أن صلاة العيدين في المُصلى خارج البلد هي السنة، كنتُ قد ألفتها منذ ثلاثين سنة، رداً على بعض المبتدعة الذين حاربوا إحياءَنا لهذه السنة في دمشق المحروسة أشد المحاربة، بعد أن ْ صارتْ عند الجماهير نسياً منسياً، لا فرق في ذالك بين الخاصة والعامة، إلا منْ شاء الله ».

    http://www.islamhouse.com/p/233618

    التحميل:

  • حدد مسارك

    حدد مسارك: اشتمل هذا الكتاب على خمسة فصول; وهي كالآتي: الفصل الأول: من أين أتيت؟ إثبات وجود الله الواحد الأحد. الفصل الثاني: إثبات نبوة محمد - صلى الله عليه وسلم -، واشتمل على سبعة مباحث. الفصل الثالث: بعض سمات الإسلام. الفصل الرابع: النتيجة المترتبة على الإيمان والكفر. الفصل الخامس: وماذا بعد؟ وقد جعله خاتمة الفصول، ونتيجةً لهذا البحث.

    http://www.islamhouse.com/p/330750

    التحميل:

  • إظهار الحق

    إظهار الحق : يعتبر هذا الكتاب أدق دراسة نقدية في إثبات وقوع التحريف والنسخ في التوراة والإنجيل، وإبطال عقيدة التثليث وألوهية المسيح، وإثبات إعجاز القرآن ونبوة محمد - صلى الله عليه وسلم -، والرد على شُبه المستشرقين والمنصرين.

    المدقق/المراجع: محمد أحمد ملكاوي

    الناشر: الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء بالرياض http://www.alifta.com

    http://www.islamhouse.com/p/73718

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة